الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
المحرمات من الرضاع:والمحرمات من الرضاع سبع أيضًا كما هو الحال في النسب لقوله عليه الصلاة والسلام: «يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب» والآية الكريمة لم تذكر من المحرمات بالرضاع سوى (الأمهات، والأخوات) والأم أصل والأخت فرع، فنبّه بذلك على جميع الأصول والفروع، ووضحت السنة النبوية ذلك بالتفصيل وبصريح العبارة كما في الحديث السابق، وقد ثبت في الصحاح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال عن ابنة حمزة «إنها ابنة أخي من الرضاعة».المحرمات بسبب المصاهرة:وأما المحرمات بسبب المصاهرة فقد ذكرت الآية الكريمة منهن أربعًا وهنّ كالتالي:أ- زوجة الأب لقوله تعالى: {وَلاَ تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِّنَ النساء}.ب- زوجة الابن لقوله تعالى: {وحلائل أَبْنَائِكُمُ الذين مِنْ أصلابكم}.ج- أم الزوجة لقوله تعالى: {وأمهات نِسَائِكُمْ}.د- بنت الزوجة إذا دخل بأمها لقوله تعالى: {وَرَبَائِبُكُمُ الاتي فِي حُجُورِكُمْ مِّن نِّسَائِكُمُ الاتي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِن لَّمْ تَكُونُواْ دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ}.والأصل في هذا أن أم الزوجة تحرم بمجرد العقد على البنت، ولا تحرم البنت إلا بالدخول بالأم الآية الكريمة {الاتي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ} وقد استنبط العلماء من ذلك هذه القاعدة الأصولية وهي: (العقد على البنات يحرّم الأمهات، والدخول بالأمهات يحرم البنات).تنبيه: الربيبة (بنت الزوجة) التي دخل بأمها تحرم على الزوج سواء كانت في حَجْره أو لم تكن في حجره، والتقييد في قوله: {الاتي فِي حُجُورِكُمْ} ليس للشرط أو للقيد وإنما هو لبيان الغالب، لأن الغالب أنها تكون مع أمها ويتولى الزوج تربيتها وهذا بإجماع الفقهاء فتدبره.المحرمات حرمة مؤقتة:وقد أشارت الآية الكريمة إلى من يحرم الزواج بهن حرمة مؤقتة وذكرت نوعين:أ- الجمع بين الأختين لقوله تعالى: {وَأَن تَجْمَعُواْ بَيْنَ الأختين} وألحقت السنة المطهرة (الجمع بين المرأة وعمتها) و(الجمع بين المرأة وخالتها) زيادة على الجمع بين الأختين.روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يجمع بين المرأة وعمتها، وبين المرأة وخالتها.والحكمة في ذلك خشية القطيعة لحديث ابن عباس: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتزوج الرجل المرأة على العمة أو على الخالة وقال: «إنكم إذا فعلتم ذلك قطّعتم أرحامكم».ب- زوجة الغير أو معتدته رعاية لحق الزوج لقوله تعالى: {والمحصنات مِنَ النساء} أي المتزوجات من النساء، والمعتدة حكمها حكم المتزوجة ما دامت في العدة، وقد مر حكمها سابقًا في سورة البقرة [235] في قوله تعالى: {وَلاَ تعزموا عُقْدَةَ النكاح حتى يَبْلُغَ الكتاب أَجَلَهُ} وبينّا الحكمة في ذلك فارجع إليها هناك والله يتولاك.
فقال: سبحان الله ما بهذا أفتيت!! وما هي إلاّ كالميتة، والدم، ولحم الخنزير، ولا تحل إلاّ للمضطر.ومن هنا قال الحازمي: إنه صلى الله عليه وسلم لم يكن أباحها لهم وهم في بيوتهم وأوطانهم، وإنما أباحها لهم في أوقات بحسب الضرورات، حتى حرّمها عليهم في آخر الأمر تحريم تأبيد.الأدلة الشرعية والعقلية على تحريم المتعة:احتج أهل السُنَّة على حرمة المتعة بوجوه نلخصها فيما يلي:أولًا: إن الوطء لا يحل إلاّ في الزوجة أو المملوكة لقوله تعالى: {والذين هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلاَّ على أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} [المؤمنون: 5- 6] وهذه ليست زوجة وليست مملوكة، لأنها لو كانت زوجة لحصل التوارث، وثبت النسب ووجبت العدة، وهذه لا تثبت باتفاق فيكون باطلًا.ثانيًا: إن الأحاديث الشريفة جاءت مصرحة بتحريمه، منها ما رواه مالك عن الزهري بسنده عن علي كرم الله وجهه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن متعة النساء، وعن أكل لحوم الحمر الأهلية.ثالثًا: ما رواه ابن ماجة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حرّم المتعة فقال: «يا أيها الناس إني كنت أذنت لكم في الاستمتاع، ألا وإن الله قد حرمها إلى يوم القيامة».رابعًا: أن عمر رضي الله عنه حرمها وهو على المنبر أيام خلافته، وأقره الصحابة رضي الله عنهم، وما كانوا ليقروه على خطأ لو كان مخطئًا فكان ذلك منهم إجماعًا.خامسًا: إن نكاح المتعة لا يقصد به إلاّ قضاء الشهوة، ولا يقصد به التناسل، ولا المحافظة على الأولاد، وهي المقاصد الأصلية للزواج، فهو يشبه الزنى من حيث قصد الاستمتاع دون غيره، وقد قال الله تعالى: {مُّحْصِنِينَ غَيْرَ مسافحين} وليس مقصود المتمتع إلا قضاء الشهوة، وصب الماء، واستفراغ أوعية المني، فبطلت المتعة بهذا القيد.قال الخطابي: تحريم المتعة كالإجماع إلا عن بعض الشيعة، ولا يصح على قاعدتهم في الرجوع في المخالفات إلى (علي) رضي الله عنه فقد صحّ عنه أنها نسخت، ونقل البيهقي عن (جعفر بن محمد) أنه سئل عن المتعة فقال: هي الزنى بعينه، فبطل بذلك كل مزاعم الشيعة.تحقيق الشوكاني:قال الشوكاني: (وعلى كل حال فنحن متعبدون بما بلغنا عن الشارع، وقد صح لنا عنه التحريم المؤبد، ومخالفة طائفة من الصحابة له غير قادحة في حجيته، ولا قائمة لنا بالمعذرة عن العمل به، كيف والجمهور من الصحابة قد حفظوا التحريم وعملوا به ورووه لنا، حتى قال ابن عمر: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أذن لنا في المتعة ثلاثًا ثم حرمها، واللهِ لا أعلم أحدًا تمتَّع وهو محصن إلا رجمته بالحجارة).وقال ابن الجوزي: وقد تكلف قوم من المفسّرين فقالوا: المراد بهذه الآية نكاح المتعة، ثم نسخت بما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن متعة النساء، وهذا تكلف لا يحتاج إليه، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أجاز المتعة ثم منع منها فكان قوله منسوخًا بقوله (يعني بالسنة) وأما الآية فإنها لا تتضمن جواز المتعة وإنما المراد بها الاستمتاع في النكاح.
|